إذا كانت الشاعرة العربية تماضر بنت عمرو بن الحارث، الشهيرة بـ «الخنساء»، ظلت طيلة حياتها ترثي أخويها صخر ومعاوية، فإنه بعد مرور أكثر من 1400 عاما على وفاتها، يبدو أن أهالي المهد في سيضطرون لرثاء قرية الخنساء، بما فيه بيتها.
والمعروف أن الخنساء عاشت في قرية قصر صفينة بعالية نجد بين مكة والمدينة المنورة وعلى بعد 225 كم في الجنوب الشرقي من المدينة المنورة، وتبعد 50 كم جنوب غرب محافظة المهد، لكنها بعد وفاتها ظلت صفينة التي اشتهرت بالمزروعات خصوصا النخيل، من المعالم الأثرية الشهيرة، لكنها اليوم ما عاد يحميها أحد بعدما كانت شاهدا على قصص تاريخية متعاقبة.
وفيما يشير لـ «عكاظ» الباحث المؤرخ نايف عوض بن غبن، إلى أن صفينة عرفت بهذا الاسم منذ العصر الجاهلي، بين أن القرية باتت تسمى بقرية الخنساء، بعدما ذاع صيت الشاعرة العربية.
لكن ابن المحافظة عائض عبدالرحمن الوسمي، يتخوف من أن يكون أحد من يرثون قصر الخنساء بعدما طالتها أيادي التعديات من مجهولين لا يعرفون التاريخ، أو يعرفونه ولا يقرون بأهمية الحفاظ عليه للأجيال المتعاقبة، حيث عمدوا على الحفر والهدم بحثا عن مزاعم الكنوز والدفائن.
ويعتقد أن القرية بحاجة اليوم للحماية بتسويرها ومعاقبة من يقترب منها كمنطقة أثرية هامة.
ويرى زاهر سعود المطيري، أن القرية التي حافظت على نفسها من عوامل التعرية منذ أكثر من 1400 سنة، من الأجدر ألا تطالها أيادي العابثين الآن لأنها تحكي التاريخ العربي في الجاهلية وبعد الإسلام.
من جانبه، يعترف مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة المدينة المنورة صالح عباس لـ «عكاظ»، أن موقع قصر الخنساء مسجل ضمن سجل الآثار الوطني بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة، وقد تم تشكيل فرق مسح أثري علمي مسبقا هدفه زيارة المواقع وتسجيلها ودراستها والعمل على تأهيلها مستقبلا، ومن ضمنها المواقع الأثرية بالمهد بشكل عام كجزء من منطقة المدينة المنورة.
وأوضح أن المواقع الأثرية بمنطقة المدينة المنورة كافة تتم زيارتها بشكل دوري من قبل مراقبي الآثار لتسجيل ملاحظاتهم عنها والعمل على المحافظة عليها.
وحول التعديات، أشار إلى أن الهيئة تعمل مع شركائها من الجهات الحكومية جاهدة على المحافظة على الآثار وضبط أي تعد، وقال: نهيب بكل مواطن بالإبلاغ عن التعديات من خلال الجهات الأمنية أو فروع الهيئة مباشرة.
وحول تسوير الموقع، فقد شرعت الهيئة ممثلة بقطاع الآثار منذ تأسيسها بإنشاء حماية للمواقع الأثرية للحفاظ عليها، ومازال العمل جار على تغطية المواقع حسب الخطط المعدة مسبقا ووفق مرحلية التنفيذ، كما أنه لا يتم وضع لوحات إرشادية للزوار إلا بعد ترميم الموقع وإعادة بنائه وتجهيزه للزيارة وفق الترتيبات المتبعة لزيارة المواقع الأثرية، بحيث لا يتم تفعيل الزيارة للمواقع الأثرية إلا في حالة تأهيل الموقع كليا لسلامة الزوار وهي مسؤولية الهيئة، كما أن الهيئة تعمل مع فرق علمية محليه وعالمية للتنقيب عن الآثار وترميمها وتفعيلها كمواقع جذب.
وأضاف أن للهيئة برامج عديدة تهدف للتوعية عن قيمة التراث الوطني وعدم الإضرار به من خلال الوسائل الإعلامية والتواصل الاجتماعي المتنوعة، وللهيئة برامج عديدة للحفاظ على الآثار من ضمنها برنامج الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري والتي تعمل عليه الهيئة جاهدة للنهوض بالتراث الوطني وتفعيله بشتى المناطق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تذكر!!! تعريفك بنفسك يضمن نشر تعليقك
ملاحظة:
التعليقات الغير معرفة خاضعة لتحرير الإدارة