الجمعة، أغسطس 07، 2015

شاعرالقبيلة

قصة وقصيدة ،، من زمن (كانت الخطر طيبه)

حياة صعبه وشقيه ،، لكنها هنيه.
في زمن الشقاء والتعب الجسدي والسعادة والهناء الروحي ،، أولائك الأطهار هم صانعي الفرح.

محتفلين وطربانين طول الوقت رغم قسوة الحياة وشظف العيش.
........................
فطرق الجبل طرب الرعاة في روؤس الجبال وبطون الأودية.

وللصارم والدياس أهازيج خاصة......
يرددون على سبيل المثال:
ألا يالله دعيناك
يابو العين الرقيبه
تداوي كل مابي
من امراض(ن) سقيمه

.....................

كانوا يحتفلون بأدنى مناسبه ،، يدقون الزير ويغطرفون ويصرخون ويحتلجون.

ذات الزير (ينقعونه) للقصائد الحماسية في الحرب ،، وقصائد المدح والثناء والتفاخر في مناسبات الفرح ،، وفي قصائد اللعب الغزلية العفيفة.

الشاعر كالغيث ،، حيثما هطل نبت السعد وأزهر الفرح.

كانوا يتباشرون بالشاعر إذا نزل القرية ،، فلا بد من أخذ صولات وجولات في ذلك اليوم.

كان الشعر ينهي نزاعات ،، ويجدد علاقات ،، ويحمي رقاب من الموت في زمن الثأر والنقى.

كان الشعر بريد في ذلك الزمن.
وكان الشعر ولا زال يجمل القبيح ،، ويزخرف الجميل وأهل الجميل ،، ويرفع ناس ويضع آخرين.
..........................
كان ولا زال الجمال آسر القلوب والمشاعر.

وكانوا يتطارون بالجميلات الحسناوات ،، ويقولون (كما فلانه بنت فلان في القرية الفلانية) من باب العيارة أو الإستهزاء.

ولذلك قصة (من زهران) ،، قالوا فيها:
أن فيه شاعر راح لصديقه الشاعر الآخر في قرية أخرى.
وكان فيها (حرمه) يطرونها بجمالها (قامه وهامه ،، وخصر وردف ،، وصدر وشعر ،، وبياض وصفاء بشره ،، ومعرفه وكرم ،، وحره عن عشره رجاجيل).
أتوقع أنها كانت في زمنها ،، الأكمل والأجمل والأمثل على قولة مصطفى الآغا.
كانت من عائلة محترمة وهي أيضاً محترمة محتشمة بدون شك.
تنافس في خطبتها علية القوم ،، فظفر بها شيخ ابن شيخ ،، وحقت له وحق لها فهو لها وهي خلقت لتستحق هذا الشيخ.

أجتمع الشاعرين ،، وهطل مطر السعد في تلك العصرية في ميدان العرضة المتعارف عليه في القرية (الربعه).
قصائد حماسية ومدح وتفاخر ،، صوت الزير والمزمار والطلقات النارية ب تشتال أرض الله ،، غطاريف وترديد لبيوت الشعر الحماسية.

أسدل المساء أستاره ،، لينهي ذلك الحماس ويحوله إلى (فن اللعب) في ساحة إحدى البيوت في تلك القرية ،، والذي ستبدأ مراسم الإحتفال به بعد تناول وجبة العشاء.

بدأ الحفل (اللعب) ،، بحضور جميع أهل القرية.
الرجال والنساء والأطفال ،، و بوجود هذه الأنثى الفاتنة.
حظور النساء كان للفرجة فقط (مخيلات) ،، وليس للمشاركة في اللعب ،، لأن لعبة (الشبك) كانت قد انتهت في ذلك الوقت ،، واقتصر حظورهن للفرجة فقط.

الشاعر الضيف ،، تلفت وحاول مراراً وتكراراً العثور على ضالته ولكن دون جدوى.
هدفه (الفوز بنظرة فقط) ،، وهدفه من هذه النظرة أن يخبر أهل قريته بما رآه عن ما يسمعون به عن هذه الأنثى.
تشابهت الوجوه والأجساد ،، فذات اللبس وذات الحلي وذات الجمال في النساء الحاظرات.
هو متأكد من وجودها بينهن ،، ولكن أين هي!!!؟؟؟

أراد أن يسأل صديقه الشاعر الآخر ،، ولكن فات الأوان ،، فالأجساد ألتصقت استعداداً (للعب) ،، والآذان أنصتت للقصايد ،، والعيون تحاصره بنظرات الإعجاب من كل زاوية.

فما كان منه إلا أن يسأل صديقه بلغة الشعر الذي لا يفهمونه العامة.
****دائماً يقولون المعنى في بطن الشاعر.
وهنا كان المعنى في بطن شاعرنا.

عود يقول:
(البدع)
لف العساكر ولا ادري فين سيدنا
ماعاد ندري وش الجندي وش الباشه
وش الحويه وش المثنى وش الطايف
مادام فيها طويل السيف مانظلم
وان قاله الله وكلن عاد عند اهله
لو ما سمعنا وشفنا وش نعلم به

(الرد)
يالفرت خليت راعي الفين سيدنا
الله يجيره من الخلات والباشه
له سايقن ينكس الغتره وشطايف
لا ولع الكهربه فاليل مايظلم
يابو شنب زيح عن دربه وعن دهله
يعجبك حس المكينه واشنع اللمبه

وهنا تفسير القصيدة:
(البدع)
(1)لف العساكر ولا ادري فين سيدنا
ماعاد ندري وش الجندي وش الباشه
وش الحويه وش المثنى وش الطايف

--في هذه الابيات يوضح لصديقة بأنه تشابهت عليه الوجوه ،، فشبه الحاظرات بالعسكر وأنه لا يعرف (الجندي=عامة الحاظرات) ولا يعرف (الباشه=وهي الأنثى التي يبحث عنها).
وشبههن (بالحوية والمثنى والطايف) وذلك لتقاربها جغرافياً وتشابه تضاريسها.

(2)مادام فيها طويل السيف مانظلم

--في هذا البيت ،، يستحث همة صديقه الشاعر المستضيف ويمدحه لكي يخبره عن ظالته ،، وذلك لأن الأمر يتعلق (بالعرض) وهو موضوع خطير ،، فشبهه بالفارس راعي السيف الطويل ليخبره عنها.

(3)وان قاله الله وكلن عاد عند اهله
لو ما سمعنا وشفنا وش نعلم به

--هنا يوضح لصديقه سبب السؤال عنها ،، وأن الغرض هو النظر إليها فقط ،، وما يدعوه للنظر هو إخبار أهله عن هذه الإنثى التي يسمعون عنها إذا رجع إليهم.

(الرد)
(4)يالفرت خليت راعي الفين سيدنا
الله يجيره من الخلات والباشه

--الشاعر المستضيف شبه هذه الأنثى بسيارة (الفرت أو الفورد) وهي السيارة الأجمل والأفخم في ذلك الزمن ،، وقال (الله يجيره من الخلات والباشه) يعني ما فيها ولا عيب.

(5)له سايقن ينكس الغتره وشطايف

--وهنا يصف لصاحبه (زوجها) وأنه لابس الغتره ويرقص ،، وشبهه بسايق الفرت أو مالكه واللي هو زوجها.

(6)لا ولع الكهربه فاليل مايظلم

--هنا يصفها بأنها (أبيض الحاظرات) ،، وأنه حتى ظلمة الليل لا يمكن أن تطفي ذلك النور والبياض الناصع.

(7)يابو شنب زيح عن دربه وعن دهله

--هنا يشير لصاحبه ويحدد مكانها بالظبط وأنها تجلس خلف العجوز ،، وهذه العجوز هي عمتها (أم زوجها) وجلست أمامها عنوة لكي تغطي عليها وتكفيها شر الحسد والعين ،، وشبه العجوز ب(أبو شنب) وأبو شنب سيارة من نوع (دوج) وظهرت في الثلاثينيات الميلادية وكانت سيارة قبيحة الشكل والأداء.

(8)يعجبك حس المكينه ،، واشنع اللمبه

--يقول الشاعر بأن صوتها جميل أيضاً.
(وشنع اللمبه) يعني توليعة اللمبة ،، وهنا إشارة لعيونها وما تحويه هذه العيون من جمال في النظرات وحور و سعتها ورموشها.

يقولون كانت (الخطر طيبة ،، والنوايا حسنة) وأنا أقول كذلك ،، وبعضهم يقول الله أعلم بحالهم.

رحمهم الله جميعاً ،، واسكنهم الفردوس الأعلى.

دمتم أجمل وأروع. عذراً للاطاله  منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تذكر!!! تعريفك بنفسك يضمن نشر تعليقك



ملاحظة:
التعليقات الغير معرفة خاضعة لتحرير الإدارة