درب زبيدة
يعد هذا الطريق من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وقد اشتهر باسم « درب زبيدة » نسبة إلى السيدة زبيدة زوج الخليفة هارون الرشيد، التي اسهمت في عمارته فكان أن خلد ذكرها على مر العصور.
وقد استخدم هذا الطريق بعد فتح العراق وانتشار الإسلام في المشرق، وأخذ في الازدهار منذ عصر الخلافة الرشدة، وأصبح استخدامة منتظماً وميسوراً بدرجة كبيرة، إذ تحولت مراكز المياة وأماكن الرعي والتعدين الواقعة عليه إلى محطات رئيسية. وفي العصر العباسي، أصبح الطريق حلقة اتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين وبقية أنحاء الجزيرة العربية.وقد أهتم الخلفاء العباسيون بهذا الطريق وزودوه بالمنافع والمرافق المتعددة، كبناء احواض المياه وحفر الآبار وإنشاء البرك وإقامة المنارات وغير ذلك. كما عملو على توسيع الطريق حتى يكون صالحاً للاستخدام من قبل الحجاج والمسافرين ودوابهم
المصادر التايخية والجغرافية والآثار الباقية إلى أن مسار هذا الطريق خطط بطريقة عملية وهندسية متميزة، حيث أقيمت على امتداد المحطات والمنازل والإستراحات، ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة، فضلاً عن تزويده بالمنافع والمرافق اللازمة من آبار وبرك وسدود، كما أقيمت علية علامات ومنارات ومشاعل ومواقد توضح مسارة، ليهتدي بها المسافرون (الراشد 1993
47- 57). فمنذ بداية الدولة العباسية، أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال (أحجار المسافة) والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة، وذلك في عام 134هـ / 751 م, ومن بعده أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بإقامة الحصون وخزنات المياه في نقاط عدة على طول الطريق.على حين أمر الخليفة المهدي ببناء القصور في طريق مكة، كما أمر الخليفة هارون الرشيد ببناء خزانات المياه وحفر الآبار وإنشاء الحصون على طول الطريق، فضلاً عن تزميده بالمرافق والمنافع العامة لخدمة الحجاج والمسافرين وراحتهم.وقد عين الخلفاء ولاة يشرفون على الطريق ويتعهدونه بالصيانة والإعمار أولاً بأول (الطبري 1979 : 8 / 134 - 142). ويبلغ عدد المحطات الرئيسة في هذا الطريق سبعاً وعشرين محطة.ومتوسط ما بين كل محطة ومحطة نحو 50 كم، ومثلها محطات ثانوية تسمى كل منها (متعشى)، وهي استراحة تقام بين كل محطتين رئيستين. ويمكن رصد المحطات الرئيسة والمنازل الواقعة على طول الطريق على النحو التالي : الكوفة، القادسية، العذيب، وادي السباع، المغيثة، مسجد سعد، القرعاء، الطرف، واقصة، القبيات، العقبة، الحلجاء(بركة الضفيري اسمها اليوم وهي أول محطة بالحدود السعودية)، القاع، الجريسي، زبالة، التنانير، الشقوق، ردان، البطان, المحمية ، الثعلبة(اول مراحل الطريق داخل حدود منطقة حائل وتعرف اليوم باسم بدع خضراء)، الغميس، الخزيمة، بطن الأغر، الأجفر(وهو اليوم بلدة عامرة)، القرائن، فيد(بلدة عامرة إلى اليوم)، القرنتين، توز، الفحيمة، سميراء(بلدة عامر إلى اليوم)، العباسية، الحاجر(تعرف بالبعائث اليوم)، قرورى(أخر مرحله في حدود منطقة حائل ويعرف اليوم باسم سناف اللحم)، معدن النقرة، السمط، مغيثة الماوان، أريمة، الربذة، الروثة، السليلة، اضبة، شرورى، العمق، معدن بني سليم، عقبة الكراع، الكرانة، أفاعية، الكبوانة، المسلح، القصر، الغمرة، أوطاس، ذات عرق، غمر، بستان بني عامر، مشاش ،مكة المكرمة (الراشد 1993 : 296 - 301), هذا ما يتعلق بالمسار الرئيس للطريق الذي يتجة إلى مكة. وهناك مسارات فرعية أخرى منها طريق معدن النقرة-المدينة, ويبلغ طولة (265) كيلاً، وأهم محطاتة :معدن النقرة، العسيلة، المحدث، بطن نخل، الحصيلك، المكحولين، السقرة، الطرق، الركابية، المدينة، هذا ويلتقي طريق البصرة مع طريق الكوفة في معدن النقرة.ومما يجدر ذكره، أن طريق الكوفة –مكة المكرمة بلغ أوج ازدهاره في العصر العباسي الأول، وبعد إنقضاء عصر الخلفاء الأقوياء تعرض الطريق لهجمات القبائل والقوى المحلية الثائرة, ففي أواخر القرن الثالث الهجري وبداية القرن الرابع، تعرضت بعض محطات الطريق للتخريب والتدمير على أيدي القرامطة، مثل محطة الربذة، ونجم عن ذلك اندثار معالم الطريق وتوقف الحجاج عن استخدامة إلا في حالات توافر الحماية. وبعد سقوط بغداد على أيدي المغول عام 656هـ / 1258 م تعطل الطريق واندثرت معظم محطاته وأصبحت مجرد أطلال. وقد أوضحت الدراسات الأثرية أن المنشآت المعمارية على طريق الكوفة – مكة تمثل نمطاً معمارياً فريداً للعمارة الإسلامية، حيث تميزت بدقة التصميم وجودة التنفيذ، فقد بنيت قصور الطريق وخاناته بجدران سميكة وزودت بالمرافق والخدمات، كما بنيت البرك بأشكال مستطيلة ومربعة ودائرية، وتدل عمارة البرك على مدى براعة المسلمين في إقامة المنشآت المائية. وتعطي نتائج حفريات جامعة الملك سعود بموقع الربذة صورة متكاملة لتخطيط إحدى محطات الطريق ومدنه بما اشتملت عليه مساجد وأحياء وقصور وبريد وبرك وآباروهناك نقوش كتابية عديدة وعملات وأوان فخارية وخزفية وزجاجية عثر عليها على امتداد الطريق. وهي تغطي فترة تاريخية تمتد من العصر الأموي حتى القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ومن أشهر محطاته الرئيسية داخل حدود منطقة حائل شمال نجد بداية من شمال شرق المنطقة من محطة الثعلبية(تعرف الآن [ببدع خضراء وفيها آبار للبادية لزالت تردها][1])ومرورا بعدد كبير من الاستراحات الرئيسية والهامة والكبيرة والتي كانت تسمي منازل (متوسط المسافة بين كل منزل ومنزل نحو 50كم) واسترحات ثانوية وتسمي متعشي ،ويأتي بعد الثعلبية منزل زرود (مهجورة اليوم ولتزال بعض الآبار باقية)وفي زرود عدة آبار وبرك ومصانع واسواق للاعراب يبيعون بها على الحجاج وعابري الطريق ومن آبار زرود الخزيمية والهاشيمة,, ثم منزل الاجفر [2](وهي بلدة الآن بنفس الاسم شرق حائل بنحو 140كم)ثم محطة ولاية الطريق بلدة فيد[3] (شرق حائل بنحو 100كم لتزال بلدة عامرة إلى اليوم) وهي من أكبر المنازل على الطريق بل قاعدة الطريق ونصف الطريق وكانت أحد الولايات العباسية. ثم منزل توز(وهي مهجورة اليوم.ولتزال بعض آثار ذلك المنزل باقية وتقع شمال قرية غمرة بنحو 10كم) ثم محطة بلدة سميراء[4] (وهي بلدة إلى الآن بنفس الاسم جنوب حائل بنحو150كم)ثم منزل الحاجر(يعرف الآن بالبعائث [5] بلدة في اقصي جنوبي حائل بنحو 260) وحتى يتعدى حدود المنطقة عند متعشي سناف اللحم في جنوبي غربي حائل ويبداء بالمنازل والاستراحات داخل حدود المدينة المنورة واولها منزل معدن النقرة,,ثم محطة مغيثة الماوان (تعرف اليوم بالماوية قرية) ثم محطة الربذة وهي محطة رئيسية ومهمة ولها حمى مشهور، ثم محطة السليلة ثم محطة معدن بنى سليم (تعرف اليوم بمهد الذهب وهي بلدة عامرة اليوم وتقع جنوب شرق المدينة المنورة بنحو 250 كم, ثم محطة ذات عرق حيث يحرم الحجاج هناك وهي اليوم مهجورة بسبب عدم مرور طريق بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تذكر!!! تعريفك بنفسك يضمن نشر تعليقك
ملاحظة:
التعليقات الغير معرفة خاضعة لتحرير الإدارة